في فصل الشتاء تتغير الأحوال النفسية بحسب الحالة التي يعيشها الإنسان إذ إنه من المعروف أنّ الحالة المزاجية للإنسان تتغيّر بحسب الفصول التي يمر بها خلال السنة، حيث ترى اناسا يفضلون فصولا على فصول أخرى خلال العام، فمنهم من يفضل الصيف، ومنهم من يفضل الشتاء، وآخرون يفضلون الخريف، والغالبية يعشقون الربيع الذي تتلون فيه الأرض بألوانها البهية الساحرة، وفي هذا المقال سنتعرض لموضوع يقع فيه كثير من الناس، وهو أنهم يشعرون بمشاعر سلبية خلال فصل الشتاء نتيجة طول الليل، وخاصة أولئك الذين يكون نومهم قليلا ويتأخرون في السهر، فيكثر بكاؤهم، مع كثرة الذكريات التي تهجم على ذاكرتهم خلال سكون ليل الشتاء البارد، وهدوئه الذي يجعل الذاكرة قادرة على تذكر أدق تفاصيل الصور الحزينة التي مر بها الإنسان، وعلى رأسها فقد أحبته، أو بعده عنهم، وسنسعى في هذا المقال إلى محاولة وضع قواعد تعين على التخلص مما يُعرف باكتئاب الشتاء.
1- ما هو اكتئاب الشتاء؟
اكتئاب الشتاء أو الاضطراب العاطفي الموسمي هو نوع من الاكتئاب يأتي ويختفي مع المواسم ، ويبدأ عادةً في أواخر الخريف وأوائل الشتاء ويختفي خلال فصلي الربيع والصيف.
حيث يمر الإنسان بفترات زمنية قصيرة يشعر فيها بالحزن أو كره ذاته. وبحسب موقع، المعهد الأمريكي الوطني للصحة العقلية فإن هذه الحالة تبدأ وتنتهي مع تغير الفصول. وقد يبدأ الناس في الشعور “بالإحباط” عندما تصبح الأيام أقصر في الخريف والشتاء.
وخطورة هذه الحالة المؤقتة أنها قد تدوم عند بعض الأشخاص، وتوصلهم إلى الاكتئاب الشديد الذي لا يزول مع مرور الأيام، وقد حدد المعهد الوطني للصحة العقلية علامات للاكتئاب الشديد وهذه العلامات هي:
- الشعور بالاكتئاب معظم اليوم، أو كل يوم تقريبًا.
- فقدان الاهتمام بالأنشطة التي استمتعت بها ذات مرة.
- تغيرات في الشهية أو الوزن.
- المعاناة من مشاكل في النوم .
- الشعور بالخمول أو الانفعال.
- انخفاض الطاقة.
- الشعور باليأس أو انعدام القيمة.
- مواجهة صعوبة في التركيز .
- التفكير بشكل متكرر بالموت أو الانتحار.
أسباب اكتئاب الشتاء:
لم يصل العلماء إلى سبب مباشر لهذه الحالة، ولكنّ الباحثين في مجال الصحة يرون أن مجموعة من العوامل التي تترافق مع نهاية فصل الخريف وبداية فصل الشتاء تعلب دورا أساسيًّا في دخول المرء في هذه الحالة النفسية ومن هذه العوامل:
-
الساعة البيولوجية:
قد يتسبب انخفاض مستوى ضوء الشمس في الخريف والشتاء في حدوث اضطراب القلق الاجتماعي في فصل الشتاء. قد يؤدي هذا النقص في ضوء الشمس إلى تعطيل ساعة الجسم الداخلية ويؤدي إلى الشعور بالاكتئاب.
-
مستويات السيروتونين:
قد يلعب انخفاض مادة السيروتونين ، وهي مادة كيميائية في الدماغ (ناقل عصبي) تؤثر على الحالة المزاجية، دورًا في الإصابة باضطراب القلق الاجتماعي. يمكن أن يسبب انخفاض ضوء الشمس انخفاضًا في هرمون السيروتونين الذي قد يؤدي إلى الاكتئاب.
-
مستويات الميلاتونين:
يمكن أن يؤدي التغيير في الموسم إلى تعطيل توازن مستوى الميلاتونين في الجسم، والذي يلعب دورًا في أنماط النوم والمزاج.
طرق للتخلص من اكتئاب الشتاء:
هناك مجموعة من الطرق التي ينصح بها الأطباء لعلاج حالة اكتئاب الشتاء الشديد، من ذلك العلاج بصندوق الضوء الذي ينبعث منه ضوء ساطع للغاية، وكذلك الأدوية المضادة للاكتئاب، أو بالكلام، ونحن هنا سنتحدّث عن طرق للذين يمرون بحالة مؤقتة من الاكتئاب والمزاج الممزوج بالحزن، ولهذا فإن القواعد التي سنقولها تعد وقائية وتساهم كثيرا في زوال هذه الحالة وتمنع إلى حدّ كبير من الوصول إلى الاكتئاب الشديد الذي يتطلب العلاج بالأدوية المضادة للاكتئاب، وهذ الطرق هي:
1- الإضاءة الجيدة
حاول أن تعرض جسدك لضوء الشمس خلال النهار عندما تشرق ولو لوقت قصير، وإذا لم يكن هناك ظهور للشمس، فحاول أن تكون إضاءة الغرفة التي أنت فيها جيدة وساطعة؛ لأن الضوء يلعب دورًا كبيرًا كما ذكرنا سابقًا في تغير الساعة البيولوجية لجسدك.
2- التمارين الرياضية:
تلعب التمارين الرياضية دورًا كبيرا في صحة الجسد؛ ولهذا فإن لها دورا كبيرا في تحسن مزاج الإنسان الذي يمارسها بانتظام؛ وخاصة الذين يمارسون هذه التمارين في الصالات الرياضية، أو الذين يستطعيون الخروج في الهواء الطلق في فصل الشتاء ويمشون ويتنزهون قليلا فإن لهذه السلوكيات دورًا كبيرا في تحسن المزاج والتخفيف من هجوم الاكتئاب.
3- فيتامين د:
تلعب الشمس دورا كبيرا في تأمين فيتامين (د) للجسم؛ ولهذا عليك أن تتأكد من مستوى هذا الفيتامين عندك في فصل الشتاء، وأن تسعى للحفاظ على مستوياته الطبيعية داخل جسدك وذلك باسشارة الطبيب الذي يقدم لك النصائح أو الأدوية التي تؤمن لك هذا الفيتامين المهم جدا الذي يلعب دورا كبيرا في الحالة العاطفية والعقلية للإنسان.
4- الطعام الصحي:
ينصح الأطباء بتناول الخضروات الورقية، وكذلك الشوكولاتة الداكنة؛ لأن لها دورا كبيرا في تحسين الحالة المزاجية ومن الخضروات التي يقول الأطباء إن لها دورا في الحفاظ على الصحة العامة والحالة المزاجية العالية: البروكلي (القرنبيط)، واللفت، والجزر.
5- تحفيز الحواس:
يقترح بعض الأطباء أن تقوم ببعض الأمور التي تجعل حواسك متحفزة ومنطلقة؛ لأنها يمكن أن تخفف من وطأة الاكتئاب الموسمي، وذلك مثل أن ترى ألوانا تسر عينيك، أو تشم روائح جميلة تميل إليها نفسم.
6- السفر والتجوّل:
لا تبق أسير الغرفة والبيت، حاول أن توجد لنفسك مكانا تخرج إليه وتجد فيه الاطمئنان النفسي، وإن كنت تملك سيارة فتجول بها في شوارع مدينتك، وكذلك حاول أن تتجول ماشيا ولو لوقت قليل، فإن إضاءة النهار في الشتاء ولو كانت الشمس محجوبة فهي خارج المنزل أفضل من داخله.
7- مارس هواية تعشقها:
اقرأ في الكتب التي تحبها، من قصص أو روايات أو حتى في المجالات العلمية، ولو كان عندك هواية حركية يكون أفضل، مثل: الكتابة، أو الرسم، أو العزف؛ لأن الحركة والاندماج مع هواياتك يحسن مزاجك، ويعطيك قوة دافعة تبعدك عن الخمول والكسل المرتعان الأساسيان والمفضّلان للاكتئاب والحزن.
8- أبعد الجوال عن سرير نومك:
أثبتت الدراسات أن إضاءة الجوالات تسهم في تنبه الذهن وعدم قدرته على النوم؛ وعدم النوم يؤدي إلى الدخول في حالة مزاجية سيئة تنتقل شيئا فشيئا إلى اكتئاب، هذا عدا عن أضرارها على الجسد كله، وخطورتها على الصحة الذهنية والبدنية؛ ولذا كي تحقق نوما جيّدًا عليك ألا تصحب جوالك إلى سرير نومك.
9- الغذاء الروحي:
هذه الطريقة هي الأهم برأينا؛ لأن الاطمئنان الروحي يهدّئ الأعصاب، ويشعر المرء بالرضا، والشعور بالرّضا يجعل مزاجك في قمة حالاته الإيجابية، والغذاء الروحي يكون بالالتجاء إلى الله بأن تشعر بأنه بجوارك وفي معيّتك، لا يفارقك أبدًا، وأن عين رعائته تحرسك وتطمئنك أنك عائدٌ إليه، وأن من فارقتهم من أحبة هم عنده الآن ومن يكون عنده لا يخاف ولا يحزن أبدا، وكذلك فإن جميع الأمور التي تثير همّك وقلقك هي بيده لأنه هو المقدّر وهو المدّبر ومهما حصل من أمور فسيكون لك معينا لك، يرأف بقلبك المكسور، فيقويه ويجبره، ويسمع صوت نبض قلبك فيهدّئه، ويعرف اضطرابك فيسكّنك، المهم أن تشعر دائما أنه معك لا يفارقك ولا يتخلى عنك، وهو أرحم بك من كل من على الأرض.