شكر الناس وجحودهم وكيف نتعامل مع الحالين د. محمد خالد الفجر
كثيرون تراهم مصدومين من ردة فعل من أحسنوا إليهم وذلك بأنهم لم يجدوا من قدر تضحيتهم وعطاءهم وفعل الخيرات التي بذلوها بل وجدوا جحودا ونكرانا وربما تجاهلا فإلى مثل هؤلاء كتبنا هذه الكلمات
أكثر هموم النفس تأتي عند تذكر الفضل الذي يقوم به المرء ولا يجد حمدا ولا شكورا من الناس الذين أسدى إليهم المعروف. كثيرون منا تراهم لا يجدون للسعادة سبيلا من كثرة انشغالهم بما قدموه ثم وجدوا نكرانا لفعالهم، وهنا علينا أن نعرف طبيعة الناس في هذه البسيطة قبل أن نقدم المعروف وقبل أن تسعى في الخير، وكذلك عليك أن تعرف ماذا تصنع مع من ينكر ولا يشكر، وعليك أن تعرف من يتصف بصفة الشكر، هذا ما سنعرضه في هذا المقال الموجز
نكران المعروف صبغة عدد ليس بقليل
يوجد بيننا أناس من جبلتهم نكران المعروف أو لنقل استثقال الاعتراف بمعروف أسدي إليهم، وهناك بعض من الناس يلجأ إلى من عرف عنه النخوة والنصرة ويتركونه وينسونه وقت الاسرخاء والراحة وقد وصف شاعر عربي هذا الحال بقوله
وإذا تكون كريهة أدعى لها … وإذا يحاس الحيس يدعى جندب
بل ويصل النكران عند بعضهم أنهم يرون أن من ساعدهم هو الذي عليه أن يشكرهم؛ وذلك لأنهم يمثلون عل أنفسهم أن الشخص ما ساعدهم إلا لأهميتهم وأنه ما ساعدهم إلا لحاجته إليهمن وينسون أنهم كانوا يتمسحون به وقت الحاجة إليه كي يسدي إليهم معروفا.
وما هذا النكران والاستثقال للشكر إلا لضعف في نفسوهم ولشح في مشاعرهم لن تجد منكرا قويا ولن تجد منكرا لمعروف عزيز نفس مهما تظاهر بذلك.
والآن إذا صدمت بمثل هؤلاء فماذا تفعل وكيف تنسى جرحهم ونكرانهم.
السعداء من يبذلون دون انتظار شكر أو مدح
الذين يرتاح ويسعد ويهنأ في نومه ويقظته هو من يفعل الخير لأنه أهل له لا لأنه يريد ان يسمع شكرا من أحد، وهذا لا يعني أنه ليس من طينة البشر بل على العكس يسعده الشكر ويؤلمه الخذلان والنكران، ولكنه لا يأبه ولا يبالي لأنه ربى نفسه على أنه يعرف نفسه هو وإن كان غيره لا يعرف من هو.
إن نكر الناس معروفه فإنه يقول لنفسه الله يتولى من مكافأتك ما هو أبلغ من شكر الناس.
يوطن نفسه على أنه سيعمل الخير ما دام حياً، فإن لم ينل عليه شكر الناس، فإنه سينال رضا الله وجزاءه.
يتذكر دائما أن صانع المعروف لا يقع، ولو وقع لا ينكسر.
ولا شك أن الكلام سهل ولكن من يهدى إلى تطبيقه هو من المرّمين الذين يعدون الأقلية في هذه الأرض، الذين يبذلون ولا ينتظرون أجرا من الناس ويشكرون من يشكرهم ويستمرون في عطائهم حتى لو لم يجدوا من يعترف بفضلهم من الناس.
الشاكرون ذوو فضل:
لا يعرف الفضل إلاذووه
فالشاكر لفعال الغير هو المحسن والمحسن إليه لأنه محسن في معرفة ما قدم له ومحسَن إليه من قبل من أعطاه ما يسعده
ولذلك قيل لا يعرف الفضل إلا ذووه
والشاكر لله الحقيقي هو الذي يظهر لصاحب الخير صنيعه ويشكره على ما قدم
فمن لم يشكر الناس لم يشكر الله
الشاكرون والمساعدون الدائمون هم الأحرار النبلاء في هذه الأرض
فالحُرُّ للحُرِّ معوانٌ على الزَّمنِ
إن نفوس الأبرار تأبى إلا أن تشكر من أحسن إليها وأوصل معروفاً إليها، وكما قيل:
اذا قصرت يدك عن المكافأة فليطل لسانك بالشكر، وقيل: الشكر ترجمان النية ولسان الطوية، وشكر المولى هو الأولى (صيد الأفكار).
كن معطيا وشكورا أعط من تستطيع أن تلبي حاجته، واشكر من يمد لك يدا عون أو يد وصل، حتى ولو كان اتصالا هاتفيًّا من شخص لا يصلك من أجل مصلحة وإنما من أجل اطمئنان فشكره دليل أصالة منك.
وكما أن نكران الأقارب لمعروفك أقسى وأشد، فشكرهم أولى وألزم، فاشكر أمك وأباك كل يوم لو استطعت فلن توفيهم جزءا مما قدموه وأعطوه ومما يحملانه لك من حب وحرص على مصلحتك.
اشكر أخاك وأختك، اشكر كل من له صلة بك، ولا تظنن هذا الشكر مبالغةً أو مجاملة بل هو بث لروح الود وتذكير للآخر بأن ما يقوم به له قيمة في قلبك ولو كان مستصغرا في نظره هو.
وتذكر إذا كنت تصنع المعروف وتفعل الخير ولا تجد حامدا ولا شكورا أنه إذ أنكر ونسي الناس فعالك، فإن رب الناس لا ينسى ولا ينكر ما صنعت من خيرات.
فإن كنت كريما في خصالك وفعالك فالله أكرم وسيعطيك أضعاف أضعا ما اعطيت ومنحت