هل جيل زد وحده الذي يعاني من العزلة والاكتئاب؟

دراسات كثيرة تؤكد زيادة عدد المكتئبين والمنعزلين عند أبناء الجيل الجديد الذي يعرف بجيل (Z) وهناك دراسات أكدت أن بعض أبناء هذا الجيل الذي قدرت مواليدهم ب 1994 وما بعد يعانون من عدم قدرتهم على صنع مجتمات بشرية وعلاقات صداقة وطيدة مع أيناء جيلهم، وأن بعض ممن وظفوا من أبناء هذا الجيل اعتزلوا عملهم بسرعة لعدم قدرتهم على الاندماج مع فرق العمل التي تشاركهم في بيئة العمل.

أسباب السمات الشخصية لجيل زد:

بعض الباحثين الذين أرادوا تتبع أسباب تحول هذا الجيل إلى هذه الحال وصلوا إلى أن من الأسباب التي شكلت شخصياتهم بهذه الصورة:
1- صغر حجم العائلات المعاصرة فأكثر الأسر أصبحت مكونة من ولد أو ولدين وهذا أدى إلى أن الأهل أصبحوا مركزين جدا معهم يتابعونهم لحظة بلحظة ويحددون نظما صارمة في تربيتهم، أما سابقا فالأسر الكبيرة كانت لا تتيح الوقت للأهل أن يعطوا كل الوقت لأولادهم، هذا النظام الصارم والحرص الشديد جعل الطفل عندما يشب عاجزا عن الاحتكاك بالمجتمع الذي رآه مغايرا تماما لما ربي عليه في بيته فوجد نفسه غريبا غير قادر على التأقلم مع المجتمع.
-2- تأخر الزواج عند كثير من الشباب والبنات مما أدى إلى أن الأبوين عندما يرزقان بطفل في سن كبير يعطونه دلالا منقطع النظير ويحققون له كل ما يرغب به وهذا مغاير لأبناء الجيل السابق الذي لم يكن ينال كل ما يرغب به بل على العكس كان يعاني من أجل الوصول إلى أبسط الأمور التي ينالها طفل اليوم.
3- الأجهزة التي تحيط به ومع هذا رأت الدراسات أن هذا الجيل هو الأقل تواصلا مع أبناء جيله ويعيش أغلب وقته مع العالم الافتراضي، وهذا جعله لا يتحمل الواقع الحقيقي الذي يحتك به بسبب العمل أو التعلم …إلخ

وقفة مع نتائج الدراسات عن جيل زد

هذه الدراسات أظن أنها تنظير كبير لأن كثيرا من الأمور التي يعاني منها الجيل المعروف ب (z) لم تعد محصورة به دون سواه بل على العكس البشرية في معظمها تعاني منها، فالتواصل شبه منعدم بين الأجيال كلها، والتخوف من العمل مع البشر والاحتكاك بهم يزداد يوما بعد يوم.
والالتجاء إلى العالم الافتراضي يكثر عند الأطفال والشباب والرجال والإحباط والاكتئاب حدث ولا حرج.
المسألة باختصار ترجع إلى أن كثيرا من القيم تآكلت بسبب فرض ثقافة مادية استشرست وأكلت الإنساية أو قضمت كثيرا من معالمها فصارت العلاقات بين الناس بدلا من أن تكون قائمة على الحب والود والراحة في الحديث والكلام، تحولت إلى مدى تحقيق المنفعة المادية من الشخص الذي يحادثه زميله، وهكذا انتشرت عبارة (وشو استفدت من هالصحبة).
وكأن الأنس الروحي واللطف والود ليس فائدة كبيرة يحصلها الإنسان من علاقاته مع البشر.
المادية هي السبب وفرض القيمة المادية والتشيؤ هما اللذان لم يقضيا على أحلام جيل (z) بل إنهما افترسا البشرية من غرب الأرض إلى شرقها ومن شمالها إلى جنوبها.
الحل هو العودة إلى القيم إنشاء فكرة فلسفية جديدة تقوم على التركيز على القيمة ورفع قدر الروح التي سجنت في سجن شوّه ملامحها وعطل دورها الفطري في إضفاء الحس الإنساني على البشرية جمعاء.