خاطرة: افهم حقيقة الدنيا لتحياها | الدكتور محمد خالد الفجر

عندما توازن بين أنها هديةٌ غاليةٌ مِنَ الله، وأنها وهمٌ زائلٌ، تصل إلى مرحلة التعايش معها وقبول كلّ ما فيها وعدم المفاجأة بما تحمله؛ لأنه صار في جعبتك من تجارب مرّت تسهِّل ما يأتي وما سيأتي، ووقتها ستعرف أنّ أيّ لحظةِ سعادةٍ فيها عليك ألّا تفوّتها وألّا تكبّر شيئا فيها، فقد مرّت أيامها بحلوها ومرها، وكم مرةً ظننا أنها النهاية لكن تبيّن أن الرحلة مازالت مستمرة، فالحكيم السعيد هو الذي يعيشها ويسرق منها كل لحظة فرح؛ لأنّ الفرح هو ما نبحث عنه فيها، ولنتذكر أن كل لحظة فرح نعيشها هي جزء من فرح عظيم ينتظرنا بإذن الله في جنة عرضها السماوات والأرض، فلنهوّن أمرها لنعيشها، ولنعِشْها ونحن نعرف غدرها، فلا نضيع لحظة حياةٍ فيها متمنين لكل الطيبين حياة سعيدة، ولكل المحرومين من السعادة أن يهيئ الله لهم سرورًا هو أعلم به، فالقلوب بيد الله، كما أنّ الغيب بيده.

خوفنا ينحصر بين ندمٍ على ماضٍ كُسرنا فيه، ومستقبل قد نُكسَر فيه، والاثنان بحكم الميِّتَيْن، فالسعادة القصوى أن تسعد بما لديك: صحة، عائلة، مال، أمان، عمل، إنجاز، وقليل من تجتمع له كلّ هذه الأمور، وكل أمر منها هو ثروة لمن عرف طبيعة الدنيا التي نادرًا ما يمكن أن تجمع كل الملذات فيها لشخصٍ واحد.

إنّ سعادة المرء الكاملة لن تتحقق إلا عند أول قدم يضعها في الجنة، هكذا هي دنيانا، ولتذكر دائمًا أنّ أعلى سعادة فيها أن تجتمع بمن يحبك، ويزرع البسمة على وجهك فيها، فلا توفّر لحظةً معهم؛ لأن بقاءهم وبقاءك هنا مستحيلةن فلنسْعَد بمِن نحبهم قبل رحيلنا أو رحيلهم.