نمط الحياة المعاصرة تغيّر في العالم كله وفي الخليج العربي خاصة حيث نشأ نمط حياة جديد ارتبط بالتطور التقني والتكنولوجي وأدى هذا التطور إلى جعل العمل المعاصر مرتبطا أكثره بالمكاتب والأماكن المغلقة والجلوس لساعات طويلة أمام الشاشات سواء للعمل أو للترفيه، وهذ النمط الجديد من الحياة أنتج العديد من الأمراض وهذه الأمراض أدت في كثير من الأحيان إلى تطورات خطيرة انتهت بكثيرين بالموت أو بالفراش أو بتعطل أحد أجهزة الجسم، ولا سيما مرض السكر المنتشر بكثرة في دول الخليج،
ففي أحد أعداد صحيفة الإندبندت النسخة العربية ذكر عدد المصابين بمرض السكري وتكلفة علاجهم في السعودية حيث قال التقرير إنه يوجد: “مصاب من كل ستة أشخاص في السعودية ويكلف علاج المرض نحو 17.2 مليار ريال في السعودية سنوياً. وذكرت الإحصائيات الأخيرة اعتباراً من يونيو (حزيران) 2020، أن عدد سكان السعودية بلغ نحو 34.8 مليون نسمة، وبحسب الاتحاد الدولي للسكري، فإن معدل انتشار المرض في المملكة حالياً بلغ 27.3 في المئة، أي مصاب واحد لكل ستة أشخاص” (المصدر: الإندبندنت)
إن هذا المرض يرتبط ارتباطا مفصليا بنمط الحياة في الخليج
نمط الحياة في الخليج:
بعد اكتشاف النفط وظهور الثروة الاقتصادية في الخليج انتقل الناس من نمط حياة كان يقوم على التجارة ورعي الإبل والتجارة فيها إلى نمط جديد يقوم على الدخول في عالم العمل المريح مع الأرباح الوفيرة، وهذا أدّى في الخليج عامة إلى قلة الحركة والاعتماد على السيارات وقلة التعرض للشمس وهذه الأمور كلها أثرت على بنية الجسم ومناعته وأدت إلى انتشار الكثير من الأمرض المزمنة في الخليج بين المواطنين والمقيمين.
ويقول الأطباء إن أكثر الأمراض المرتبط بنمط الحياة في الخليج انتشارا وخطورة هي أمراض القلب، والسكري من النوع الثاني، وأمراض الكلى، والسرطانات.
ويضاف إليها نقص الفيتامينات وخاصة فيتامين د بسبب قلة التعرض للشمس، وأمراض المفاصل بسبب التعرض المباشر للمكيفات خاصة أولئك الاشخاص الذين يشغلون المكيفات على درجات حرارة منخفضة.
فمثلا يعتاد الموظف في الخليج على أن يستيقظ في مكان مكيف ثم ينتقل إلى سيارة مكيفة ويصل بعدها إلى مقر عمله في مكتب مكيف والخطورة في ذلك عدم تحرك الجسد إلا لمسافات قليلة تفصله بين مقر عمله وسيارته أو بين منزله وسيارته.
كما أن نمط الأكل غير الصحي الذي انتشر في العالم بأسره ومنه دول الخليج أدى هذا النمط من الطعام إلى زيادة قابلية المواطنين الخليجيين والمقيمين في الخليج للتعرض للأمراض المزمنة بسبب ارتفاع معدل الشحوم الضارة في الجسم، وكذلك كثرة السكر الذي يدخل في مكونات الأطعمة الجاهزة وهذا يؤدي مع قلة الحركة إلى إصابة الإنسان بداء السكر المرضالمزمن الخطير الذي يؤدي إهماله إلى مضاعفات خطيرة مثل: الجلطات الدماغية والقلية، والقدم السكرية، وتدمير الكلى، وربما العمى.
ولهذا فإن الحل هو أن يضع الإنسان لنفسه نظاما غذائيًّا صحيًّا يقيه من الوقوع بمثل هذه الأمراض ، والحرص على الحركة اليومية خاصة مع توفر الأرضية الصالحة لممارسة الرياضة اليومية في معظم دول الخليج، ولكن هذا الأمر يحتاج إلى إرادة صلبة وعزيمة لا تلين؛ كي يضمن الإنسان الاستمرار والمداومة على برنامج صحيٍّ يحافظ به على صحته ومناعته، حيث أثبتت المناعة القوية دورها الكبير في حماية الجسم من الفيروسات الخطيرة التي صرنا نسمع عنها ونراها بين الفينة والأخرى في جميع أنحاء العالم، وآخرها فيروس كوفيد 19 الذي انقض على العالم بأسره، وكان أصحاب المناعة القوية من أكثر الناس المحظوظين الذين استطاعت أجسامهم مقاومة الفيروس.
كما أن التكنولوجيا أمنت لنا اليوم كثيرا من التطبيقات التي تساعد الإنسان على مراقبة جسمه وخاصة من ناحية السعرات الحرارية حيث وجدت كثير من البرامج الموثوقة طبيا التي تساعد على معرفة حاجة الجسم من السعرات الحرارية اليومية، وتحسب له عدد خطواته، وكم حرق من السعرات الحرارية، كما أنها تستطيع معرفة السعرات الحرارية الموجودة في الأطعمة التي يشتريها أو يعد الإنسان في بيته.
ونختم أخيرا بمسألة تعد صلب موضوع نمط الحياة الجديد ألا وهو النظافة ثم النظافة التي ثبت مدى فعاليتها في مكافحة الفيوسات، وكذلك في دورها في أن يدخل الجسم طعاما صحيًّا لا يؤدي إلى أضرار وتسممات ترهق الجسم وتوقعه فريسة لكثير من الأمراض.