مرحلة منتصف العمر او الأربعينيات مرحلة مهمة جدا في أعمال الإنسان وحياته، فهي مرحلة النضج ومرحلة الهدوء، وكل إنسان في هذه الدنيا يُبرمج تلقائيا في مراحل عمره على أن الأربعين هي مرحلة الاستقرار، ولكن هذه المرحلة قد تكون أيضًا مرحلة توتر وقلق وقد تصل إلى ما يسمى بأزمة منتصف العمر التي قد توصل صاحبها إلى مرحلة من الاكتئاب، وإذا امتدت كثيرا قد تجعله يفكر جديًّا بالانتحار.
وأهم أسباب هذه الحالات النفسية التي تعتري من وصل إلى الأربعين هو إحساسه بأنه لم يحقق الأحلام التي كان ينوي الوصول إليها، وأنه لا يجد نفسه في المكان الذي كان يتمنى أن يكون فيه، وتزداد هذه الازمة عند الأشخاص الذين تتعرض بلدانهم لحروب قاسية، حيث تنقلب حياة الشخص في الأربعين رأسا على عقب فبعد أن يكون قد بدأ بوضع الخطوط الأولى لاستقرار، يجد نفسه بادئًا من الصفر لا يدري ما يفعل، يضرب أخماسا بأسداس، خاصة إذا أراد البحث عن عمل وصار يسمع الشرط الذي يقول على أن يكون تحت أربعين سنة.
إذن الاستقرار مرتبط بعمل يناسب الشخص في سن الأربعين، ومن هنا فإننا سنعرض عليكم بعض الأفكار التي يمكن أن تكون مفيدة للذين تجاوزوا سنّ الأربعين ويبحثون عمّا يناسب مرحلة نضجهم العقلي والفكري.
هل يمكن بدء عمل مستقل بعد الأربعين:
طبعا لا بد أن نقول بداية إن هذا السن ليس بالمتقدم كثيرا وليس بداية الشباب أيضا، ولكن إليك إجابة مباشرة عن السؤال السابق نعم يمكنك البدء ليس بعد الأربعين بل حتى لو صرت في السبعين، وهذا ليس تنظيرا بل إنه حقيقة واقعية ومثال ذلك مؤسِّسة المعهد العالي لريادة لأعمال إليزابيث إيزيل التي أسست معهدها وهي في سن السبعين، وتقول في أحد منشوراتها في صفحتها في موقع linkedin مغامرات الحياة لا تتوقف أبدا لقد بدأت أول درس في تعلم الطيران في سن الخمسين لا أنظر ولم أنظر إلى الوراء أبدا.
ميزات البدء بعد الأربعين:
من أهم ميزات العمل بنشاط تجاري بعد الأربعين الآتي:
-
الخبرة:
إن مرور الزمن يعني أنك مررت بارتفاع وهبوط بربح وخسارة هذه التجارب تصقلك وتجعلك ذا خبرة لا يمتلكها من هم في سن أصغر، وهذا يعني أن اختياراتك ستكون متوازنة اكثر، ومتوافقة مع شروط العمل أكثر، يضاف إلى ذلك أن كمية المعلومات التي صرت تمتلكها في الميدان الذي ترغب العمل فيه تعد ذخيرة ووقودا ممتازا لانطلاقتك، كما أن علاقاتك تكون دائرتها أوسع.
كيف البدء:
يقول أحد روّاد الأعمال إن عالمنا اليوم يتيح لك العمل في أي مرحلة عمرية؛ لأن عالم اليوم لم يعد ينحصر بدء عمل تجاري فيه بإنشاء متجر من الطوب، بل يمكنك ان تبدأ عملك من منزلك ومن وراء مكتبك، النصيحة هي وفق قوله: أن تغوص في أعماق روحك لمعرفة شغفك وهوايتك وحافزك الداخلي ومن ثم البدء بتنفيذ عملك التجاري.
أهم الأفكار التي تعد مناسبة لمن تجاوزوا الأربعين:
كن مديرا لا موظفا:
إذا كنت قد تجاوزت الأربعين وكانت وظيفتك تعد قيدا لك، فعليك أن تفكر فورا في أن تتجه إلى أن تصبح صاحب العمل لا الذي يخضع للمدير، وهذا يعني أنه لا بد من أن يكون معك شيء من المال للبدء، بحيث تؤسس لك متجرا إلكترونيا يناسب المجال الوظيفي الذي تعمل به، وتسعى إلى توظيف عدد من الموظفين المستقلين ليقوموا بتنفيذ أعمالك عن بعد، وكذلك ليحققوا لك الدعاية الناجحة من أجل إشهار عملك وليتعرف الناس على خدماتك، وهنا لن تضيع خبرتك الوظيفية هباء منثورا بل ستكون داعمة لك في مصداقيتك أما زبائنك الذي يرغبون في التعامل معك وفي الحصول على الخدمات التي تقدمها لهم.
مستشار مستقل:
ينمو الآن هذا القطاع بكثرة ويعد ميدانا مهما خاصة في زمن التنافسية الكبرى بين الشركات، فإذا كنت من الذين خدموا في مجال الشركات التجارية ولديك خبرة في ميدان الأعمال الرابحة، فإن تقديم هذه الخدمة يعد ذا أهمية كبرى لكثيرين من الذين يمتلكون الأموال ولكن لا يعرفون ما هو العمل الذي يناسبهم أو المنطقة التي يعملون فيها فيمكنك أن تقدم هذه الخدمات من بيتك ويساعد ف نجاحك في هذا العمل أن يكون لك شبكة من العلاقات تربطك بكثيرين من طالبي هذه الخدمة. ولكن عليك ألا تنسى أنه لكي تحصل مالا عليك أن تنفقك مما تملك وخاصة في هذا الزمن الذي يتيح لك تسويق نفسك من خلال منصات كثيرة وخبيرة في إيصالك إلى جماهيرك من خلال دفع مبالغ من المال لكنها ستعود عليك بأرباحا تنسيك ما أنفقته، وإن لم تعد عليك بأرباح فإنها ستعرفك على أخطائك لتلافيها ومعرفة كيفية التعامل معها.
التسويق العقاري:
يمكنك أن تصبح مسوّقا عقاريًّا من خلال كاميرا وخبرة في ميدان العقارات وغالبا يثق الناس في الإنسان الكبير أكثر من الصغير في هذا الميدان، خاصة أن معظم الذين يشترون بيوتا يكونون من أصحاب الأسر وهنا يعتبر موضوع الثقة بالشخص مهما جدا.
فإذا كنت من الممتعين بلغة تسويقية وتمتك المفردات اللغوية لميدان العقارات فهذا ميدان يمكنك الدخول فيه بعد الأربعين.
مؤثر على الإنترنت:
تتنوع وظائف المؤثرين اليوم على شبكة النت، فيمكنك إذا كنت مصورا أن تجد لنفسك منصة تنشر أعمالك وتجني المال، وكذلك إذا كنت كاتبا، أو معلما ، أو خبيرا في ميدان من الميادين، والجميل في عالم النت أنه يمكنك أن تجمع أكثر من منصة لخدمة الميدان الذي تتقنه، فمثل تستعمل الفيديو في اليوتيوب، وتستعمل الكتابة في المواقع ، وتستعمل الصور في الإنستغرام، وتنشر في الفيس بوك كل ما سبق وهكذا فإن نوافذ الوصول لى الزبائن تصبح متاحة أكثر في عالم النت.
لا تركن لمنطقة الراحة:
إذا كنت في وظيفة لست مستريحا فيها وتجد نفسك أسير قيودها فلا تخضع لمقولة أحد واسمع نداءك الداخلي، ولا تقل انتهى العمر ولم تعد هناك فرص لمن في عمري، بل بادر وغامر فالحياة مغامرة أما إذا استسلمت وركنت في زاوية الخوف من الإقدام فلا تلم الزمن ولا الحياة؛ لأن هذا اختيارك أنت ولم يجبرك أحد عليه.
لا يمكن لمتردد أن يصل إلى مكان مستقر، ولا أن يقنع في حياة يعيشها، ولا يمكن لطامح مؤمن بما يمتلك أن يستسلم مهم انكسر ومهما خالفته الحياة فإنه يبقى مثابرا ساعا وراء هدفه لا يحبطه العمر، ولا يوقفه الهبوط، بل ما يخيفه أن يخبو شعاع طاقته وأن يتوقف تياره الطامح الهادر بالمغامرات والأحلام.
اقرأ قصص الناجحين الملهمين وسترى أنهم مثلك لكنهم بادروا وأخلصوا فيما بادروا إليه ولم يضيعوا وقتهم ولم يتركوا أو يسمحوا لشواغل الحياة أن تصرفهم عما يرغبونفي الوصول إليه.
فسواء كنت في الأربعين أو الخمسين او الستين وحتى الثمانين فطالما يمكنك التفكير فإنتاجك متاح ودورك فعال المهم أن تحسن اختيار ما يناسبك وأن تجعل ما ترغب في العمل فيه متوافقا مع قوتك الجسدية والمالية والنفسية والله سيكون معك ولن يتخلى عنك.