هل شعرتَ يومًا أنّك تعيش بين قومٍ يبتسمون في وجهك، ويثنون عليك بكلماتٍ منمّقة، لكنك حين تغيب، ينالون منك، ويُخفون عنك ما لا يظهرونه؟
تُحسن إليهم بصدق، فيسيئون إليك من وراء ظهرك؟
تصدق كلامهم الحلو، لأنك نقيّ القلب، فلا تكتشف إلا بعد حين… أنهم ما أحبّوك، بل حسدوك؟
قالوا: “كلمة حلوة تفتح ألف باب”، لكنهم نسوا أن الكلمة الحلوة بلا نيّة طيبة… خداع.
فكيف تتعامل مع أمثال هؤلاء، لنبدا أولا بعرض الحكاية معهم وكيف يكونون ثم نبين طريقة التعامل معهم.
يمكنكم الحصول على كتبنا من متجر أتقن العربية
الوجوه المتعددة
في هذه الحياة، ستلتقي بوجوهٍ كثيرة…
وجوهٌ تضحك لك، لا لأنها تحبك، بل لأنها تخافك، أو تغار منك، أو تريد شيئًا منك.
وجوهٌ تُحسن التمثيل، حتى تخدع القلوب الصافية.
يقول المتنبي:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكتهُ … وإن أنت أكرمت اللئيم تمرّدا
وقد قال الحكماء:
“عدوٌّ صريحٌ، خيرٌ من صديقٍ مزيّف.”
الطيبة ليست غباء
بعض الناس يقول لك: “ليش تصدّق؟ ليش تنخدع كل مرة؟”
وكأن الطيبة غباء، وكأن حسن النية ضعف.
لكن الحقيقة؟
القلوب الطاهرة تُخطئ، نعم… لكنها لا تندم على طيبتها، لأنهم تعلّموا أن:
“ما خرج من القلب، يصل إلى الله، ولو خانه الناس.”
“والله لا يضيع قلبًا أحسن النية، وإن خانه البشر.”
كيف تكتشفهم؟
من لا يفرح لفرحك… لا يحبّك.
من يغيب حين تحزن… لا يعنيه أمرك.
من يذكّرك حين يحتاجك فقط… يستغلّك.
راقب:
- من يتغير معك حين يراك ناجحًا.
- من يغار من كلمات المديح التي تقال لك.
- من يغضب حين لا تعطيه ما يريد.
وكن حذرًا، فالحسد لا يُقال، بل يُحسّ.
كيف تتعامل معهم؟
- احفظ قلبك، ولا تفتحه لكل أحد.
قال الإمام عليّ:“لا تضع سرك عند من لا سرّ له، ولا تُخلِ قلبك لمن لا قلب له.”
- عامِلهم بالحُسنى، ولكن بحذر.
لا تُخاصم، ولا تُقرّب.
لا تَظلم، ولكن لا تُسلّم نفسك كالغنيمة. - اجعل بينك وبينهم مسافة أمان.
فالصديق المزيّف، سُمٌّ يلبس ثوب العسل. - اشتغل بنفسك، ولا تلتفت للقلوب السوداء.
قال الشاعر:إذا نطق السفيه فلا تُجبه … فخيرٌ من إجابته السكوتُ
فإن كلّمتَه فرّجت عنه … وإن تركتَه كمَدًا يموتُ
لا تحزن على خسارتهم
أنت لست نادماً لأنك أحببت بصدق.
بل لأنك أحببت من لا يستحق.
لا تقلق… سيأتي اليوم الذي يعرف فيه الجميع من كان نقيًا، ومن كان يُخفي خنجرًا خلف ظهره.
“يمهلهم الله، لكنه لا يهمل.”
“فدع الخلق للخالق، وامضِ بقلبك نحو النور.”
الخاتمة:
لا تغيّر نفسك لأجل الذين لم يقدّروك.
ولا تقسُو على قلبك لأنك صُدمت.
كن نقيًا، ولكن لا تكن ساذجًا.
“ليس الذكيّ من يعرف كيف يتكلّم… بل من يعرف متى يصمت، ومع من يتكلّم.”
وختامًا…
إذا شعرت أن وجودك في حياة أحدهم بلا قيمة، فلا تبقَ حيث لا يُقدَّر النقاء.